هذا باب ما كان لفظه مقلوباً
هذا باب ما كان لفظه مقلوباً
فحق ذلك أن يكون لفظه جاريا على ما قلب إليه
فمن ذلك قسى، وإنما وزنها فُعول، وكان ينبغي أن يكون ... قووس ؛ لأن الواحد قوس وأدنى العدد فيه أقواس والكثير قياس، كما تقول: ثوب و أثواب و ثياب، وسوط وأسواط وسياط. و كذلك جميع هذا الباب الذي موضع العين منه واو.
فأما قووس فجار على غير ما تجري عليه ذوات الواو ؛ نحو: كعب وكعوب، وصقر وصقور، فكرهوا واوين بينهما ضمة فقلبوا.
وكان حق فَعْل من غبر المعتل أن يكون أدنى العدد فيه أَفْعُل " ؛ كقولك: كعب وأكعب، وكلب أكلب، وصقر وأصقر. فهذه العلة قلب إلى أَفْعَال فقيل: أبيات، وأثواب .
إذ كان ذلك قد يكون في غير المعتل من فرخ وأفراخ. وزند و أزناد، وجد وأجداد فإن احتاج إليه شاعر رده إلى الأصل كما قال:
لكل دهرٍ قد لبست أثوابا |
فهذا نظير فُعُول في الواو.
ومن المقلوب قولهم أينق في جمع ناقة. وكان أصل هذه أنوق والعلة فيه كالعلة فيما وصفنا.
فلو سميت بأنيق رجلا لم تصرفه إلا في نكرة ؛ لأنه أَفْعُل على مثال أقتل.
ومن ذلك أَشْيَاءُ في قول الخليل: إنما هي عنده فَعْلاءُ. وكان أصلها شيئاء يا فتى فكرهوا همزتين بينمها ألف فقلبوا ؛ لنحو ما ذكرت لك من خطايا كراهة ألفين بينهما همزة، بل كان هذا أبعد، فقلبوا فصارت اللام التي هي همزة في أوله، فصار تقديره من الفعل: لَفْعَاء ولذلك لم ينصرف، قال الله عز وجل: " لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم " ولو كان أَفْعالا لا تصرف كما ينصرف أحياء وما أشبهه.
وكان الأخفش يقول: أشياء أَفْعِلاءُ يافتى، جمع عليها فَعْل ؛ كما جُمِع سمح على سُمَحاء، وكلاهما جمع لفعِيل ؛ كما تقول في نصيب: أَنْصباءُ: وفي صديق: أَحصْدِقاءُ، وفي كريم: كُرَماءُ، وفي جليس: جلساء. فسمح وشيء على مثال فَعْل فخرج إلى مثال فَعيل .
قال المازني: فقلت له: كيف تصغرهن ? فقال: أشياء. فسألته: لِمَ لَمْ ترده إلى الواحد ? إنه أَفْعِلاءُ فقد وجب عليه فلم يأت بمقنع. وهذا ترك قوله ؛ لأنه إذا زعم أنهأفعلاء فقد وجب عليه أن يصغر الواحد ثم يجمعه، فيقول في تصغير أشياء على مذهبه: شُيَيْئات فاعلم، تقدير: فُعَيْلاتُ ولا يجب هذا على الخليل لأنه إذا زعم أنه فَعْلاءُ فقد زعم أنه اسم واحد في معنى الجمع، بمنزلة قوم، ونفر، فهذا إنما يجب عليه تصغيره في نفسه. فقد ثبت قول الخليل بحجة لازمة .
ومما يؤكد ذلك السماع: قول الأصمعي - فيما حدث به علماؤنا -: أن أعرابياً سمع كلام خلف الأحمر فقال: يا أحمر، إن عندك لأشاوى فقلب الياء واواً، وأخرجه مُخْرَج صحراء وصحارى، فكل مقلوب فله لفظه .