هذا باب اللفظ بالحروف
هذا باب اللفظ بالحروف
قال سيبويه: خرج الخليل يوماً على أصحابه فقال: كيف تلفظون بالباء من ضربْ والدال من قدْ وما أشبه ذلك من السواكن ? فقالوا: با، دال، فقال: إنَّما سمّيتم باسم الحرف، ولم تلفظوا به. فرجعوا في ذلك إليه فقال: أرى - إذا أردت اللفظ به -: أن أزيد ألف الوصل فأقول اِبْ، اِدْ ؛ لأن العرب إذا أرادت الابتداء بساكن زادت ألف الوصل فقالت: اِضربْ، اُقتلْ إذا لم يكن سبيل إلى أن تبتدي بساكن .
وقال: كيف تلفظون بالباء من ضَربَ والضاد من ضُحَى ? فأجابوه كنحو جوابهم في الأول فقال: أرى - إذا لفظ بالمتحرك - أن تزاد هاءٌ لبيان الحركة كما قالوا: ارمه " وما أدراك ماهيه " فأقول: بَهْ، ضُهْ وكذلك كل متحرك. وبعد هذا ما لا يجوز في القياس غيره .
فإن سميت بحرف من كلمة فإن في ذلك اختلافا .
فإن سميت بالباء من ضَرَب فإن بعض النحويين كان يزيد ألف الوصل فيقول: هذا إبٌ فاعلم. وهذا خطأٌ فاحش ؛ وذلك أن ألف الوصل لا تدخل على شيءٍ متحرك، ولا نصيب لها في الكلام ؛ إنما تدخل ليوصل بها إلى الساكن الذي بعدها ؛ لأنك لا تقدر أن تبتدئ بساكن، فإن كان قبلها كلام سقطت .
وقال غيره: أرى أن أقول: ربٌ فاعلم فأرد موضع العين من ضربَ فقيل له: أرأيت ما تثبت عينه ولامه، وفاؤه محذوفة من غير المصادر التي فاؤها واو ؛ نحو: عِدة، وزِنة ?.
فاعتلّ بما قد وجد من غيرها وذلك قولهم: ناس المحذوف موضع الفاء ولا نعلم غيره. ويدلك على ذلك الإتمام إذا قلت: أناس. فإنما هو فُعال على وزن غراب مشتق من أنِس، وإنسان فِعْلان وهذا واضح جداً .
قال أبو الحسن: ضبٌ كما ترى فيحذف موضع العين كما فعل في مذْ لأن المحذوف في منذ موضع العين .
وكذلك سهٌ إنما المحذوف التاء من أستاه قال الشاعر :
ادْعُ أُحيحاً باسمه لا تنسَـهْ | | إِنَّ أُحيحاً هي صِئْبَانُ السَّهْ |
وقد قال أمير المؤمنين: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: " العين وكاء السه " والقول الأول لأبي عثمان المازني، ثم رأى بعدٌ إذا سمى بالباء من ضربَ فليرد الكلام كله فيقول: ضرَبٌ كما ترى، ولا يحذف ؛ لأنه إذا آثر أن يردّ ردّ على غير علة .
ولو سميت رجلاً ذو لقلت: هذا ذوَّا فاعلم ؛ لأن أصله كان فَعَلاً. يدلك على ذلك: ذواتا، وقولك: هما ذوَا مال .
0 comments:
Post a Comment