جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا
جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا
قال الشافعي رحمه الله تعالى أقر ماعز عند النبي بالزنا فرجمه وأمر أنيسا أن يغدو على امرأة رجل فإن اعترفت بالزنا فارجمها قال الشافعي وكان هذا في معنى ما وصفت من حكم الله تبارك وتعالى أن للمرء وعليه ما أظهر من القول وأنه أمين على نفسه فمن أقر من البالغين غير المغلوبين على عقولهم بشيء يلزمه به عقوبة في بدنه من حد أو قتل أو قصاص أو ضرب أو قطع لزمه ذلك الإقرار حرا كان أو مملوكا محجورا كان أو غير محجور عليه لأن كل هؤلاء ممن عليه الفرض في بدنه ولا يسقط إقراره عنه فيما لزمه في بدنه لأنه إنما يحجر عليه في ماله لا بدنه ولا عن العبد وإن كان مالا لغيره لأن التلف علي بدنه بشيء يلزمه بالفرض كما يلزمه الوضوء للصلاة وهذا ما لا أعلم فيه من أحد سمعت منه ممن أرضى خلافا وقد أمرت عائشة رضي الله تعالى عنها بعبد أقر بالسرقة فقطع وسواء كان هذا الحد لله أو بشيء أوجبه الله لآدمي قال الشافعي وما أقر به الحران البالغان غير المحجورين في أموالهما بأي وجه أقرا به لزمهما كما أقرا به وما أقر به الحران المحجوران في أموالهما لم يلزم واحد منهما في حال الحجر ولا بعده في الحكم في الدنيا ويلزمهما فيما بينهما وبين الله عز وجل تأديته إذا خرجا من الحجر إلى من اقرا له به وسواء من أي وجه كان ذلك الإقرار إذا كان لا يلزم إلا أموالهما بحال وذلك مثل أن يقرا بجناية خطأ أو عمد لا قصاص فيه أو شراء أو عتق أو بيع أو استهلاك مال فكل ذلك ساقط عنهما في الحكم قال الشافعي وإذا أقرا بعمد فيه قصاص لزمهما ولولي القصاص إن شاء القصاص وإن شاء أخذ ذلك من أموالهما من قبل أن عليهما فرضا في أنفسهما وإن من فرض الله عز وجل القصاص فلما فرض الله القصاص فلما فرض الله القصاص دل على أن لولي القصاص أن يعفو القصاص ويأخذ العقل ودلت عليه السنة فلزم المحجور عليهما البالغين ما أقرا به وكان لولي القتيل القتيل الخيار في القصاص وعفوه على مال يأخذه مكانه وهكذا العبد البالغ فيما أقر به من جرح أو نفس فيها قصاص فلولي القتيل أو المجروح أن يقتص منه أو يعفو القصاص على أن يكون العقل في عنق العبد وإن كان العبد مالا للسيد قال الشافعي ولو اقر العبد بجناية عمدا لا قصاص فيها أو خطأ لم يلزمه في حال العبودية منها شيء ويلزمه إذاعتق يوما ما في ماله قال الشافعي وما أقر به المحجوران من غصب أو قتل أو غيره مما ليس فيه حد بطل عنهما معا فيبطل عن المحجورين الحرين بكل حال ويبطل عن العبد في حال العبودية ويلزمه أرش الجناية التي اقر بها إذا عتق لأنه إنما أبطلته عنه لأنه ملك له في حال العبودية لا من جهة حجرى على الحر في ماله قال الشافعي وسواء ما أقر به العبد المأذون له في التجارة أو غير المأذون له فيها والعاقل من العبيد والمقصر إذا كان بالغا غير مغلوب على عقله من كل شيء إلا ما اقر به العبد فيما وكل به وأذن له فيه من التجارة قال الشافعي وإذا اقر الحران المحجوران والعبد بسرقة في مثلها القطع قطعوا معا ولزم الحرين غرم السرقة في أموالهما والعبد في عنقه قال الشافعي ولو بطلت الغرم عن المحجورين للحجر والعبد لأنه يقر في رقبته لم أقطع واحدا منهما لأنهما لا يبطلان إلا معا ولا يحقان إلا معا قال الشافعي ولو أقروا معا بسرقة بالغة ما بلغت لا قطع فيها أبطلتها عنهم معا عن المحجورين لأنهما ممنوعان من أموالهما وعن العبد لأنه يقر في عنقه بلا حد في بدنه وهكذا ما اقر به المرتد من هؤلاء في حال ردته ألزمته إياه كما ألزمه إياه قبل ردته إقرار من لم يبلغ الحلم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر من لم يبلغ الحلم من الرجال ولا المحيض من النساء ولم يستكمل خمس عشرة سنة بحق الله أو حق لآدمي في بدنه أو ماله فذلك كله ساقط عنه لأن الله عز وجل إنما خاطب بالفرائض التي فيها الأمر والنهي العاقلين البالغين قال الشافعي ولا ننظر في هذا إلى الإثبات والقول قول المقر إن قال لم أبلغ والبينة على المدعي قال الشافعي وإذا أقر الخنثى المشكل وقد احتلم ولم يستكمل خمس عشرة سنة وقف إقراره فإن حاض وهو مشكل فلا يلزمه إقراره حتى يبلغ خمس عشرة سنة وكذلك إن حاض ولم يحتلم لا يجوز إقرار الخنثى المشكل بحال حتى يستكمل خمس عشر سنة وهذا سواء في الأحرار والمماليك إذا قال سيد المملوك أو أبو الصبي لم يبلغ وقال المملوك أو الصبي قد بلغت فالقول قول الصبي والمملوك إذا كان يشبه ما قال فإن كان لا يشبه ما قال لم يقبل قوله ولو صدقه أبوه ألا ترى أنه لو أقر به والعلم يحيط أن مثله لا يبلغ خمس عشرة لم يجز أن أقبل إقراره وإذا أبطلته عنه في هذه الحال لم ألزمه الحر ولا المملوك بعد البلوغ ولا بعد العتق في الحكم ويلزمهم فيما بينهم وبين الله عز وجل أن يؤدوا إلى العباد في ذلك حقوقهم إقرار المغلوب على عقله قال الشافعي رحمه الله تعالى من أصابه مرض ما كان المرض فغلب على عقله فأقر في حال الغلبة على عقله فإقراره في كل ما أقر به ساقط لأنه لا فرض عليه في حاله تلك وسواء كان ذلك المرض بشيء أكله أو شربه ليتداوى به فأذهب عقله أو بعارض لا يدري ما سببه قال الشافعي ولو شرب رجل خمرا أو نبيذا مسكرا فسكر لزمه ما أقر به وفعل مما لله وللآدميين لأنه ممن تلزمه الفرائض ولأن عليه حراما وحلالا وهو آثم بما دخل فيه من شرب المحرم ولا يسقط عنه ما صنع ولأن رسول الله ضرب في شرب الخمر قال الشافعي ومن أكره فأوجر خمرا فأذهب عقله ثم أقر لم يلزمه إقراره لأنه لا ذنب له فيما صنع قال الشافعي ولو أقر في صحته أنه فعل شيئا في حال ضر غلبه على عقله لم يلزمه في ذلك حد بحال لا لله ولا للآدميين كأن أقر أنه قطع رجلا أو قتله أو سرقه أو قذفه أو زنى فلا يلزمه قصاص ولا قطع ولا حد في الزنا ولولي المقتول أو المجروح إن شاء أن يأخذ من ماله الأرش وكذلك للمسروق أن يأخذ قيمة السرقة وليس للمقذوف شيء لأنه لا أرش للقذف ثم هكذا البالغ إذا اقر أنه صنع من هذا في الصغر لا يختلف ألا ترى أنه لو أقر في حال غلبته على عقله وصغره فأبطلته عنه ثم قامت به عليه بينة أخذت منه ما كان في ماله دون ما كان في بدنه فإقراره بعد البلوغ أكثر من بينة لو قامت عليه ولو أقر بعد الحرية أنه فعل من هذا شيئا وهو مملوك بالغ ألزمته حد المملوك فيه كله فإن كان قذفا حددته أربعين أوزنا حددته خمسين ونفيته نصف سنة إذا لم يحد قبل إقراره أو قطع يد حر أو رجله عمدا اقتصصت منه إلا أن يشاء المقتص له أخذ الأرش وكذلك لو قتله وكذلك لو اقر بأنه فعله بمملوك يقتص منه لأنه لو جنى على مملوك وهو مملوك فأعتق ألزمته القصاص إلا أنه يخالف الحر في خصلة ما أقربه من مال ألزمته إياه نفسه إذا أعتق لأنه بإقرار كما يقر الرجل بجناية خطأ فأجعلها في ماله دون عاقلته ولو قامت عليه بينة بجناية خطأ تلزم عنقه وهو مملوك ألزمت سيده الأقل من قيمته يوم جنى والجناية لأنه أعتقه فحال يتعقه دون بيعه إقرار الصبي قال الشافعي رحمه الله تعالى وما أقر به الصبي من حد لله عز وجل أو لآدمي أو حق في ماله أو غيره فإقراره ساقط عنه وسواء كان الصبي مأذونا له في التجارة أذن له به أبوه أو وليه من كان أو حاكم ولا يجوز للحاكم أن يأذن له في التجارة فإن فعل فإقراره ساقط عنه وكذلك شراؤه وبيعه مفسوخ ولو أجزت إقراره إذا أذن له في التجارة أجزت أن يأذن له أبوه بطلاق امرأته فألزمه أو يأمره فيقذف رجلا فأحده أو يجرح فأقتص منه فكان هذا وما يشبهه أولى أن يلزمه من إقراره لو أذن له في التجارة لأنه شيء فعله بأمر أبيه وأمر أبيه في التجارة ليس بإذن بالإقرار بعينه ولكن لا يلزمه شيء من هذا ما يلزم البالغ بحال الإكراه وما في معناه قال الشافعي رحمه الله تعالى قال الله عز وجل إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان الآية قال الشافعي وللكفر أحكام كفراق الزوجة وأن يقتل الكافر ويغنم ماله فلما وضع الله عنه سقطت عنه أحكام الإكراه على القول كله لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه وما يكون حكمه بثبوته عليه قال الشافعي والإكراه أن يصير الرجل في يدي من لا يقدر على الإمتناع منه من سلطان أو لص أو متغلب على واحد من هؤلاء ويكون المكره يخاف خوفا عليه دلالة أنه إن امتنع من قول ما أمر به يبلغ به الضرب المؤلم أو أكثر منه أو إتلاف نفسه قال الشافعي فإذا خاف هذا سقط عنه حكم ما أكره عليه من قول ما كان القول شراء أو بيعا أو إقرارا لرجل بحق أو حد أو إقرارا بنكاح أو عتق أو طلاق أو إحداث واحد من هذا وهو مكره فأي هذا أحدث وهو مكره لم يلزمه قال الشافعي ولو كان لا يقع في نفسه أنه يبلغ به شيء مما وصفت لم يسع أن يفعل شيئا مما وصفت أنه يسقط عنه ولو أقر أنه فعله غير خائف على نفسه ألزمته حكمه كله في الطلاق والنكاح وغيره وإن حبس فخاف طول الحبس أو قيد فخاف طول القيد أو أوعد فخاف أن يوقع به من الوعيد بعض ما وصفت أن الإكراه ساقط به سقط عنه ما أكره عليه قال الشافعي ولو فعل شيئا له حكم فأقر بعد فعله أنه لم يخف أن يوفى له بوعيد ألزمته ما أحدث من إقرار أو غيره قال الشافعي ولو حبس فخاف طول الحبس أو قيد فقال ظننت أني إذا امتنعت مما أكرهت عليه لم ينلني حبس أكثر من ساعة أو لم ينلني عقوبة خفت أن لا يسقط المأثم عنه فيما فيه مأثم مما قال قال الشافعي فأما الحكم فيسقط عنه من قبل أن الذي به الكره كان ولم يكن على يقين من التخلص قال الشافعي ولو حبس ثم خلي ثم أقر لزمه الإقرار وهكذا لو ضب ضربة أو ضربات ثم خلي فأقر ولم يقل له بعد ذلك ولم يحدث له خوف له سبب فأحدث شيئا لزمه وإن أحدث له أمر فهو بعد سبب الضرب والإقرار ساقط عنه قال وإذا قال الرجل لرجل أقررت لك بكذا وأنا مكره فالقول قوله مع يمينه وعلى المقر له البينة على إقراره له مكره قال الربيع وفيه قول آخر أن من أقر بشيء لزمه إلا أن يعلم أنه كان مكرها قال الشافعي ويقبل قوله إذا كان محبوسا وإن شهدوا أنه غير مكره وإذا شهد شاهدان أن فلانا أقر لفلان وهو محبوس بكذا أو لدى سلطان بكذا فقال المشهود عليه أقررت لغم الحبس أو لإكراه السلطان فالقول قوله مع يمينه إلا أن تشهد البينة أنه أقر عند السلطان غير مكره ولا يخاف حين شهدوا أنه أقر غير مكره ولا محبوس بسبب ما أقر له وهذا موضوع بنصه في كتاب الإكراه سئل الربيع عن كتاب الإكراه فقال لا أعرفه جماع الإقرار قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا يجوز عندي أن ألزم أحدا إقرارا إلا بين المعنى فإذا احتمل ما أقر به معنيين ألزمته الأقل وجعلت القول قوله ولا ألزمه إلا ظاهر ما أقربه بينا وإن سبق إلى القلب غير ظاهر ما قال وكذلك لا ألتفت إلى سبب ما أقر به إذا كان لكلامه ظاهر يحتمل خلاف السبب لأن الرجل قد يجيب على خلاف السبب الذي كلم عليه لما وصفت من أحكام الله عز وجل فيما بين العباد على الظاهر الإقار بالشيء غير موصوف قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل لفلان على مال أو عندي أو في يدي أو قد استهلكت مالا عظيما أو قال عظيما جدا أو عظيما عظيما فكل هذا سواء ويسأل ما اراد فإن قال أردت دينارا أو درهما أو أقل من درهم مما يقع عليه اسم مال عرض أو غيره فالقول قوله مع يمينه وكذلك إن قال مالا صغيرا أو صغيرا جدا أو صغيرا صغيرا من قبل أن جميع ما في الدنيا من متاعها يقع عليه قليل قال الله تبارك وتعالى فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل وقليل ما فيها يقع عليه عظيم الثواب والعقاب قال الله عز وجل وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين وكل ما أثيب عليه وعذب يقع عليه اسم كثير إن قال له على مال وسط أولا قليل ولا كثير لأن هذا إذا جاز في الكثير كان فيما وصفت أنه أقل منه أجوز وهكذا إن قال له عندي مال كثير قليل ولو قال لفلان عندي مال كثير إلا مالا قليلا كان هكذا ولا يجوز إذا قال له عندي مال إلا أن يكون بقي له عنده مال فأقل المال لازم له ولو قال له عندي مال وافر وله عندي مال تافه وله عندي مال مغن كان كله كما وصفت من مال كثير لأنه قد يغني القليل ولا يغني الكثير وينمى القليل إذا بورك فيه واصلح ويتلف الكثير قال الشافعي فإذا كان المقر بهذا حيا قلت له أعط الذي أقررت له ما شئت مما يقع عليه اسم مال واحلف له ما أقررت له بغير ما أعطيته فإن قال لا أعطيه شيئا جبرته على أن يعطيه أقل ما يقع عليه اسم مال مكانه ويحلف ما أقر له بأكثر منه فإذا حلف لم ألزمه غيره وإن امتنع من اليمين قلت للذي يدعي عليه ادع ما أحببت فإذا ادعى قلت للرجل احلف على ما ادعى فإن حلف بريء وإن أبى قلت له اردد اليمين على المدعى فإن حلف أعطيته وإن لم يحلف لم أعطه شيئا بنكولك حتى يحلف مع نكولك قال الشافعي وإن كان المقر بالمال غائبا أقر به من صنف معروف كفضة أو ذهب فسأل المقر له أن يعطي ما أقر له به قلنا إن شئت فانتظر مقدمه أو نكتب لك إلى حاكم البلد الذي هو به وإن شئت أعطيناك من ماله الذي أقر فيه أقل ما يقع عليه اسم المال وأشهد بأنه عليك فإن جاء فأقر لك بأكثر منه أعطيت الفضل كما أعطيناك وإن لم يقر لك بأكثر منه فقد استوفيت وكذلك إن جحدك فقد أعطيناك أقل ما يقع عليه اسم مال وإن قال مال ولم ينسبه إلى شيء لم نعطه إلا أن يقول هكذا ويحلف أو يموت فتحلف ورثته ويعطي من ماله أقل الأشياء قال وهكذا إن كان المقر حاضرا فغلب على عقله ويحلف على هذا المدعى ما برئ مما أقر له به بوجه من الوجوه ويجعل الغائب والمغلوب على عقله على حجته إن كانت له قال الشافعي ومثل هذا إن أقر له بهذا ثم مات وأجعل ورثة الميت على حجته إن كانت للميت حجة فيما أقر له به قال الشافعي وإن شاء المقر له أن تحلف له ورثة الميت فلا أحلفهم إلا أن يدعي علمهم فإن ادعاه أحلفتهم ما يعلمون أباهم أقر له بشيء أكثر مما أعطيته الإقرار بشيء محدود قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو قال رجل لفلان على أكثر من مال فلان لرجل آخر وهو يعرف مال فلان الذي قال له على أكثر من ماله أو لا يعرفه أو قال له على أكثر مما في يديه من المال وهو يعرف ما في يديه من المال أو لا يعرفه فسواء وأسأله عن قوله فإن قال أردت أكثر لأن ماله على حلال والحلال كثير ومال فلان الذي قلت له على أكثر من ماله حرام وهو قليل لأن متاع الدنيا قليل لقلة بقائه ولو قال قلت له على أكثر لأنه عندي أبقى فهو أكثر بالبقاء من مال فلان وما في يديه لأنه يتلفه فيقبل قوله مع يمينه ما أراد أكثر في العدد ولا في القيمة وكان مثل القول الأول وإن مات أو خرس أو غلب فهو مثل الذي قال له عندي مال كثير ولو قال لفلان على أكثر من عدد ما بقي في يديه من المال أو عدد ما في يد فلان من المال كان القول في أن علمه أن عدد ما في يد فلان من المال كذا قول المقر مع يمينه فلو قال علمت أن عدد ما في يده من المال عشرة دراهم فأقررت له بأحد عشر حلف ما أقر له بأكثر منه وكان القول قوله ولو أقام المقر له شهودا أنه قد علم أن في يده ألف درهم لم ألزمه أكثر مما قال إن علمت من قبل أنه يعلم أن في يده ألفا فتخرج من يده وتكون لغيره وكذلك لو أقام بينة أنه قال له أو أن الشهود قالوا له نشهد أن له ألف درهم فقال له على أكثر من ماله كان القول قوله لأنه قد يكذب الشهود ويكذبه بما ادعى أن له من المال وإن اتصل ذلك بكلامهم وقد يعلم لو صدقهم أن ماله هلك فلا يلزمه مما لغريمه إلا ما أحطنا أنه أقر به ولو قال قد علمت أن له ألف دينار فأقررت له بأكثر من عددها فلوسا كان القول قوله وهكذا لو قال أقررت بأكثر من عددها حب حنطة أو غيره كان القول قوله مع يمينه ولو قال رجل لرجل لي عليك ألف دينار فقال لك على من الذهب أكثر مما كان عليه أكثر من ألف دينار ذهبا فالقول في الذهب الرديء وغير المضروب قول المقر ولو كان قال لي عليك ألف دينار فقال لك عندي أكثر من مالك لم ألزمه أكثر من ألف دينار وقلت له كم ماله فإن قال دينار أو درهم أو فلس ألزمته أقل من دينار أو درهم وفلس لأنه قد يكذبه بأن له ألف دينار وكذلك لو شهدت له بينة بذلك فأقر بعد شهود البينة أو قبل لأنه قد يكذب البينة ولا ألزمه ذلك حتى يقول قد علمت أن له ألف دينار فأقررت بأكثر منها ذهبا وإن قال له على شيء ألزمته أي شيء قال وأقل ما يقع عليه اسم شيء مما أقر به الإقرار للعبد والمحجور عليه قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل لعبد رجل مأذون له في التجارة أو غير مأذون له فيها بشيء أو لحر أو لحرة محجورين أو غير محجورين لزمه الإقرار لكل واحد منهم وكان للسيد أخذ ما أقر به لعبده ولولي المحجورين أخذ ما أقر به للمحجورين وكذلك لو أقر به لمجنون أو زمن أو مستأمن كان لهم أخذ به فلو أقر لرجل ببلاد الحرب بشيء غير مكره ألزمته إقراره له وكذلك ما أقر به الأسرى إذا كانوا مستأمنين ببلاد الحرب لأهل الحرب وبعضهم لبعض غير مكرهين ألزمتهم ذلك كما ألزمه المسلمين في دار الإسلام قال وكذلك الذمي والحربي المستأمن يقر للمسلم والمستأمن والذمي ألزمه ذلك كله الإقرار للبهائم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل لبعير لرجل أو لدابة له أو لدار له أو لهذا البعير أو لهذه الدابة أو لهذه الدار علي كذا لم ألزمه شيئا مما أقر به لأن البهائم والحجارة لا تملك شيئا بحال ولو قال على بسبب هذا البعير أو سبب هذه الدابة أو سبب هذه الدار كذا وكذا لم ألزمه إقراره لأنه لا يكون عليه بسببها شيء إلا أن يبين وذلك مثل أن يقول على بسببها أن أحالت علي أو حملت عني أو حملت عنها وهي لا تحيل عليه ولا يحمل عنها بحال ولو وصل الكلام فقال علي بسببها أني جنيت فيها جناية ألزمتني كذا وكذا كان ذلك إقرارا لمالكها لازما للمقر وكذلك لو قال لسيدها علي بسبها كذا وكذا ألزمته ذلك ولو لم يزد على هذا لأنه نسب الإقرار للسيد وأنه قد يلزمه بسببها شيء بحال فلا أبطله عنه وألزمه بحال ولو قال لسيد هذه الناقة علي بسبب ما في بطنها كذا لم ألزمه إياه لأنه لا يكون عليه بسبب ما في بطنها شيء أبدا لأنه إن كان حملا فلم يجن عليه جناية لها حكم لأنه لم يسقط فإن لم يكن حمل كان أبعد من أن يلزمه شيء بسبب ما لا يكون بسببه غرم أبدا الإقرار لما في البطن قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل هذا الشيء يصفه في يده عبد أو دار أو عرض من العروض أو ألف درهم أو كذا وكذا مكيالا حنطة لما في بطن هذه المرأة لامرأة حرة أو أم ولد لرجل ولدها حر فأب الحمل أو وليه الخصم في ذلك وإن أقر بذلك لما في بطن أمة لرجل فمالك الجارية الخصم في ذلك فإذا لم يصل المقر إقراره بشيء فإقراره لازم له إن ولدت المرأة ولدا حيا لأقل من ستة أشهر بشيء ما كان فإن ولدت ولدين ذكرا وأنثى أو ذكرين أو أنثيين فما أقر به بينهما نصفين فإن ولدت ولدين حيا وميتا فما أقربه كله للحي منهما فإن ولدت ولدا أو ولدين ميتين سقط الإقرار عنه وهكذا إن ولدت ولدا حيا أو اثنين لكمال ستة أشهر من يوم أقر سقط الإقرار لأنه قد يحدث بعد إقراره فلا يكون أقر بشيء قال الشافعي وإنما أجيز الإقرار إذا علمت أنه وقع لبشر قد خلق وإذا أقر للحمل فولدت التي أقر لحملها ولدين في بطن أحدهما قبل ستة أشهر والآخر بعد ستة أشهر فالإقرار جائز لهما معا لأنهما حمل واحد قد خرج بعضه قبل ستة أشهر وحكم الخارج بعده حكمه فإذا أقر لما في بطن امرأة فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا سقط الإقرار وإن ألقته حيا ثم مات فإن كانت ألقته بما يعلم أنه خلق قبل الإقرار ثبت الإقرار وإن أشكل أو كان يمكن أن يخلق بعد أن يكون الإقرار سقط الإقرار قال الشافعي وإنما أجزت الإقرار لما في بطن المرأة لأن ما في بطنها يملك بالوصية فلما كان يملك بحال لم أبطل الإقرار له حتى يضيف الإقرار إلى مالا يجوز أن يملك به ما في بطن المرأة وذلك مثل أن يقول أسلفني ما في بطن هذه المرأة ألف درهم أو حمل عني ما في بطن هذه المرأة بألف درهم فغرمها أو ما في هذا المعنى مما لا يكون لما في بطن المرأة بحال قال ولكنه لو قال لما في بطن هذه المرأة عندي هذا العبد أو ألف درهم غصبته إياها لزمه الإقرار لأنه قد يوصي له بما أقر له به فيغصبه إياه ومثل هذا أن يقول ظلمته إياه ومثله أن يقول استسلفته لأنه قد يوصي إليه لما في بطن المرأة بشيء يستسلفه وهكذا لو قال استهلكته عليه أو أهلكته له وليس هذا كما يقول أسلفنيه ما في بطنها لأن ما في بطنها لا يسلف شيئا ولو قال لما في بطن هذه المرأة عندي ألف أوصي له بها أبي كانت له عنده فإن بطلت وصية الحمل بأن يولد ميتا كانت الألف درهم لورثة أبيه ولو قال أوصى له بها فلان إلي فبطلت وصيته كانت الألف لورثة الذي أقر أنه أوصى بها له ولو قال لما في بطن هذه المرأة عندي ألف درهم أسلفنيها أبوه أو غصبتها اباه كان الإقرار لأبيه فإن كان أبوه ميتا فهي موروثة عنه وإن كان حيا فهي له ولا يلزمه لما في بطن المرأة شيء ولو قال له على ألف درهم غصبتها من ملكه أو كانت في ملكه فألزمته الإقرار فخرج الجنين ميتا فسأل وارثه أخذها سألت المقر فإن جحد أحلفته ولم أجعل عليه شيئا وإن قال أوصي بها فلان له فغصبتها أو أقررت بغصبها كاذبا ردت إلى ورثة فلان فإن قال قد وهبت لهذا الجنين داري أو تصدقت بها عليه أو بعته إياها لم يلزمه من هذا شيء لأن كل هذا لا يجوز لجنين ولا عليه وإذا اقر الرجل بها لما في بطن جارية لرجل فالإقرار باطل الإقرار بغصب شيء في شيء قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل غصبتك كذا في كذا يعتبر قوله في غير المغصوب وذلك مثل أن يقول غصبتك ثوبا أو عبدا أو طعاما في رجب سنة كذا فأخبر بالحين الذي غصبه فيه والجنس الذي أقر أنه غصبه إياه فكذلك إن قال غصبتك حنطة في بلد كذا أو في صحراء أو في أرض فلان أو في أرضك فيعني الذي أصاب الغصب أن الذي فيه غير الذي أقر أنه غصبه إياه إنما جعل الموضع الذي أصاب الغصب فيه دلالة على أنه غصبه فيه كما جعل الشهر دلالة على أنه غصب فيه كقولك غصبتك حنطة في أرض وغصبتك حنطة من أرض وغصبتك زيتا في حب وغصبتك زيتا من حب وغصبتك سفينة في بحر وغصبتك سفينة من بحر وغصبتك بعيرا في مرعى وغصبتك بعيرا من مرعى وبعيرا في بلد كذا ومن بلد كذا وغصبتك كبشا في خيل وكبشا من خيل يعني في جماعة خيل وغصبتك عبدا في إماء وعبدا من إماء يعني أنه كان مع إماء وعبدا في غنم وعبدا في إبل وعبدا من غنم وعبدا من إبل كقوله غصبتك عبدا في سقاء وعبدا في رحى ليس أن السقاء والرحى مما غصب ولكنه وصف أن العبد كان في أحدهما كما وصف أنه كان في إبل أو غنم وهكذا إن قال غصبتك حنطة في سفينة أو في جراب أو في غرارة أو في صاع فهو غاصب للحنطة دون ما وصف أنها كانت فيه وقوله في سفينة وفي جراب كقوله في سفينة وجراب لا يختلفان في هذا المعنى قال وهكذا لو قال غصبتك ثوبا قوهيا في منديل أو ثيابا في جراب أو عشرة أثواب في ثوب أو منديل أو ثوبا في عشرة أثواب أو دنانير في خريطة لا يختلف كل هذا قوله في كذا ومن كذا سواء فلا يضمن إلا ما اقر بغصبه لا ما وصف أن المغصوب كان فيه له قال وهكذا لو قال غصبتك فصا في خاتم أو خاتما في فص أو سيفا في حمالة أو حمالة في سيف لأن كل هذا قد يتميز من صاحبه فينزع الفص من الخاتم والخاتم من الفص ويكون السيف معلقا بالحمالة لا مشدودة إليه ومشدودة إليه فتنزع منه قال وهكذا إن قال غصبتك حلية من سيف أو حلية في سيف لأن كل هذا قد يكون على السيف فينزع قال وهكذا إن قال غصبتك شارب سيف أو نعله فهو غاصب لما وصفت دون السيف ومثله لو قال غصبتك طيرا في قفص أو طيرا في شبكة أو طيرا في شناق كان غاصبا للطير دون القفص والشبكة والشناق ومثله لو قال غصبتك زيتا في جرة أو زيتا في زق أو عسلا في عكة أو شهدا في جونة أو تمرا في قربة أو جلة كان غاصبا للزيت دون الجرة والزق والعسل دون العكة والشهد دون الجونة والتمر دون القربة والجلة وكذلك لو قال غصبتك جرة فيها زيت وقفصا فيه طير وعكة فيها سمن كان غاصبا للجرة دون الزيت والقفص دون الطير والعكة دون السمن ولا يكون غاصبا لهما معا إلا أن يبين يقول غصبتك عكة وسمنا وجرة وزيتا فإذا قال هذا فهو غاصب للشيئين والقول قوله إن قال غصبته سمنا في عكة أو سمنا وعكة لم يكن فيها سمن فالقول قوله في أي سمن أقربه وأي عكة أقر له بها وإذا قال غصبتك عكة وسمنها وجرة وزيتها كان غاصبا للعكة بسمنها والقول في قدر سمنها وفي أي عكة أقر بها قوله وإذا قال غصبتك سرجا على حمار أو حنطة على حمار فهو غاصب للسرج دون الحمار والحنطة دون الحمار وكذلك لو قال غصبتك حمارا عليه سرج أو حمارا مسرجا كان غاصبا للحمار دون السرج وكذلك لو قال غصبتك ثيابا في عيبة كان غاصبا للثياب دون العيبة وهكذا لو قال غصبتك عيبة فيها ثياب كان غاصبا للعيبة دون الثياب الإقرار بغصب شيء بعدد وغير عدد قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل للرجل غصبتك شيئا لم يزد على ذلك فالقول في الشيء قوله فإن أنكر أن يكون غصبه شيئا ألزمه الحاكم أن يقر له بما يقع عليه اسم شيءفإذا امتنع حبسه حتى يقر له بما يقع عليه اسم شيء فإذا فعل فإن صدقه المدعى وإلا أحلفه ما غصبه إلا ما ذكر ثم أبراه من غيره ولو مات قبل يقر بشيء فالقول قول ورثته ويحلفون ما غصبه غيره ويوقف مال الميت عنهم حتى يقروا له بشيء ويحلفون ما علموا غيره وإذا قال غصبتك شيئا ثم أقر بشيء بإلزام الحاكم له أن يقر به أو بغير إلزامه فسواء ولا يلزمه إلا ذلك الشيء فإن كان الذي أقر به مما يحل أن يملك بحال جبر على دفعه إليه فإن فات في يده جبر على أداء قيمته إليه إذا كانت له قيمة والقول في قيمته قوله وإن كان مما لا يحل أن يملك أحلف ما غصبه غيره ولم يجبر على دفعه إليه وذلك مثل أن يقر أنه غصبه عبدا أو أمة أو دابة أو ثوبا أو فلسا أو حمارا فيجبر على دفعه إليه وكذلك لو أقر أنه غصبه كلبا جبرته على دفعه إليه لأنه يحل ملك الكلب فإن مات الكلب في يديه لم أجبره على دفع شيء إليه لأنه لا ثمن له وكذلك إن أقر أنه غصبه جلد ميتة غير مدبوغ جبرته على دفعه إليه فإن فات لم أجبره على دفع قيمته إليه لأنه لا ثمن له ما لم يدبغ فإن كان مدبوغا دفعه إليه أو قيمته إن فات لأن ثمنه يحل إذا دبغ قال الشافعي وإذا أقر أنه غصبه خمرا أو خنزيرا لم أجبره على دفعه إليه وأهرقت عليه الخمر وذبحت الخنزير والغيته إذا كان أحدهما مسلما ولا ثمن لهذين ولا يحل أن يملكا بحال وإذا أقر أنه غصبه حنطة ففاتت رد إليه مثلها فإن لم يكن لها مثل فقيمتها وكذلك كل ماله مثل يرد مثله فإن فات يرد قيمته قال الشافعي وإذا قال الرجل الكثير المال غصبت فلانا لرجل كثير المال شيئا أو شيئا له بال فهو كالفقير يقر للفقير وأي شيء أقر به يقع عليه اسم شيء فلس أو حبة حنطة أو غيره فالقول قوله مع يمينه فإن قال غصبته أشياء قيل أد إليه ثلاثة أشياء لأنها اقل ظاهر الجماع في كلام الناس واي ثلاثة اشياء قال هي هي فهي هي مختلفة فإن قال هي ثلاثة أفلس أو هي فلس ودرهم وتمرة أو هي ثلاث تمرات أو هي ثلاثة دراهم أو ثلاثة أعبد أو عبد وأمة وحمار لأن كل واحد من هذا يقع عليه اسم شيء اختلفت أو اتفقت فسواء ولو قال غصبتك ولم يزد على ذلك أو غصبتك ما تعلم لم ألزمه بهذا شيئا لأنه قد يغصبه نفسه فيدخله المسجد أو البيت لغير مكروه ويغصبه فيمنعه بيته فلا ألزمه حتى يقول غصبتك شيئا ولو قال غصبتك شيئا فقال عنيت نفسك لم أقبل منه لأنه إذا قال غصبتك شيئا فإنما ظاهره غصبت منك شيئا ولو قال غصبتك وغصبتك مرارا كثيرة لم ألزمه شيئا لأنه قد يغصبه نفسه كما وصفت قال ولو سئل فقال لم أغصبه شيئا ولا نفسه لم ألزمه شيئا لأنه لم يقر بأنه غصبه شيئا الإقرار بغصب شيء ثم يدعى الغاصب قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل أنه غصب الرجل أرضا ذات غراس أو غير ذات غرس أو دار ذات بناء أو غير ذات بناء أو بيتا فكل هذا أرض والأرض لا تحول وإن كان البناء والغراس قد يحول فإن قال المقر بالغصب بعد قطعه الكلام أو معه إنما أقررت بشيء غصبتك ببلد كذا فسواء القول قوله وأي شيء دفعه إليه بذلك البلد مما يقع عليه اسم ما أقر له به فليس له عليه غيره وإذا ادعى المقر له سواه أحلف الغاصب ما غصبه غير هذا والقول قوله فإن مات الغاصب فالقول قول ورثته فإن قالوا لا نعلم شيئا قيل للمغصوب ادع ما شئت من هذه الصفة في هذا البلد فإذا ادعى قيل للورثة احلفوا ما تعلمونه هو فإن حلفوا برئوا وإلا لزمهم أن يعطوه بعض ما يقع عليه اسم ما أقر به الغاصب فإن نكلوا حلف المغصوب واستحق ما ادعى وإن أبى المغصوب أن يحلف ولا الورثة وقف مال الميت حتى يعطيه الورثة أقل ما يقع عليه اسم ما وصفت أنه أقر أنه غصبه ويحلفون ما يعلمونه غصبه غيره ولا يسلم لهم ميراثه إلا بما وصفت ولو كان الغاصب قال غصبته دارا بمكة ثم قال أقررت له بباطل وما أعرف الدار التي غصبته إياها قيل إن أعطيته دارا بمكة ما كانت الدار وحلفت ما غصبته غيرها برئت وإن امتنعت وادعى دارا بعينها قيل احلف ما غصبته إياها فإن حلفت برئت وإن لم تحلف حلف فاستحقها وإذا امتنع وامتنعت من اليمين حبست أبدا حتى تعطيه دارا وتحلف ما غصبته غيرها قال الشافعي وإذا أقر أنه غصبه متاعا يحول مثل عبد أو دابة أو ثوب أو طعام أو ذهب أو فضة فقال غصبتك كذا ببلد كذا بكلام موصول وكذبه المغصوب وقال ما غصبتنيه بهذا البلد فالقول قول الغاصب لأنه لم يقر له بالغصب إلا بالبلد الذي سمى فإن كان الذي أقر أنه غصبه منه دنانير أو دراهم أو ذهبا أو فضة أخذ بأن يدفعها إليه مكانه لأنه لا مؤنة لحمله عليه وكذلك لو أسلفه دنانير أو دراهم أو باعه إياها ببلد أخذ بها حيث طلبه بها قال الشافعي وكذلك فص ياقوت أو زبرجد أو لؤلؤ أقر أنه غصبه إياه ببلد يؤخذ به حيث قام به فإن لم يقدر عليه فقيمته وإن كان الذي أقر أنه غصبه إياه ببلد عبدا أو ثيابا أو متاعا لحمله مؤنة أو حيوانا أو رقيقا أو غيره فلحمل هذا ومشابهه مؤنة جبر المغصوب أن يوكل من يقتضيه بذلك البلد فإن مات قبض قيمته بذلك البلد أو يأخذ منه قيمته بالبلد الذي أقر أنه غصبه إياه بذلك البلد الذي يحاكمه به ولا أكلفه لو كان طعاما أن يعطيه مثله بذلك البلد لتفاوت الطعام إلا أن يتراضيا معا فأجيز بينهما ما تراضيا عليه قال الشافعي ومثل هذا الثياب وغيرها مما لحمله مؤنة قال ومثل هذا العبد يغصبه إياه بالبلد ثم يقول المغتصب قد أبق العبد أو فات يقضي عليه بقيمته ولا يجعل شيء من هذا دينا عليه وإذا قضيت له بقيمة الفائت منه عبدا كان أو طعاما أو غيره لم يحل للغاصب أن يتملك منه شيئا وكان عليه أن يحضره سيده الذي غصبه منه فإذا أحضره سيده الذي غصبه منه جبرت سيده على قبضه منه ورد الثمن عليه فإن لم يكن عند سيده ثمنه قلت له بعه إياه بيعا جديدا بما له عليك إن رضيتما حتى يحل له ملكه فإن لم يفعل بعت العبد على سيده وأعطيت المغتصب مثل ما أخذ منه فإن كان فيه فضل رددت على سيده وإن لم يكن فيه فضل فلا شيء يرد عليه وإن نقص ثمنه عما أعطاه إياه بتغير سوق رددته على سيده بالفضل قال الشافعي وإن كان لسيده غرماء لم أشركهم في ثمن العبد لأنه عبد قد أعطى الغاصب قيمته قال وهكذا أصنع بورثة المغصوب إن مات المغصوب وأحكم للغاصب العبد إلا أني إنما أصنع ذلك بهم في مال الميت لا أموالهم وهكذا الطعام يغصبه فيحضره ويحلف أنه هو والثياب وغيرها كالعبد لا تختلف فإن كان أحضر العبد ميتا فهو كأن لم يحضره ولا أرد الحكم الأول وإن أحضره معيبا أي عيب كان مريضا أو صحيحا دفعته إلى سيده وحسبت على الغاصب خراجه من يوم غصبه وما نقصه العيب في بدنه والزمته ما وصفت قال الشافعي ولو أحضر الطعام متغيرا الزمته الطعام وجعلت على الغاصب ما نقصه العيب ولو أحضره قد رضه حتى صار لا ينتفع به ولا قيمة له ألزمته الغاصب وكان كتلفه وموت العبد وعليه مثل الطعام إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل ولو قال الحاكم إذا كان المغصوب من عبد وغيره غائبا للغاصب أعطه قيمته ففعل ثم قال للمغصوب حلله من حبسه أو صيره ملكا له بطيبة نفسك وللغاصب إقبل ذلك كان ذلك أحب إلي ولا أجبر واحدا منهما على هذا الإقرار بغصب الدار ثم ببيعها قال الشافعي رحمه الله وإذا قال الرجل غصبته هذه الدار وهذا العبد أو أي شيء كان من هذا كتب إقراره وأشهد عليه وقد باعها قبل ذلك من رجل أو وهبها له أو تصدق بها عليه وقبضها أو وقفها عليه أو على غيره ففيها قولان أحدهما أن يقال لصاحب الدار إن كان لك بينة على ملك هذه الدار أو إقرار الغاصب قبل إخراجها من يده إلى من أخرجها إليه أخذلك بها وإن لم يكن لك بينة لم يجز إقرار الغاصب في ذلك لأنه لا يملكها يوم أفر فيها وقضينا المغضوب بقيمتها لأنه يقر أنه استهلكها وهي ملك له وهكذا لو كان عبدا فأعتقه وهكذا لو ادعى عليه رجلان أنه غصب دارا بعينها فأقر أنه غصبها من أحدهما وهو يملكها ثم أقر للآخر أنه غصبها منه وهو يملكها وأن الأول لم يملكها قط قضى بالدار للأول لأنه قد ملكها بإقراره وقيمتها للآخر بأنه قد أقر أنه قد أتلفها عليه قال وهكذا كل ما أقر أنه غصبه رجلا ثم إقرانه غصبه غيره والقول الثاني أنهما إذا كانا لا يدعيان أنه غصبهما إلا الدار أو الشيء الذي أقر أنه به لهما فهو للأول منهما ولا شيء للمقر له الآخر بحال على الغاصب لأنهما يبرئانه من عين ما يقر به ومن قال هذا قال أرأيت إن أقر أنه باع هذا هذه الدار بألف ثم أقر أنه باعها الآخر بألف والدار تسوى آلافا أتجعلها بيعا للأول وتجعل للآخر عليه قيمتها يحاصه بألف منها لأنه أتلفها أرأيت لو أعتق عبدا ثم أقر أنه باعه من رجل قبل العتق أتجعل للمشتري قيمته وينفذ العتق أورأيت لو باع عبدا ثم أقر أنه كان أعتقه قبل بيعه أينقض البيع أو يتم إنما يكون للعبد عليه أن يقول له قد بعتني حرا فأعطني ثمني أرأيت لو مات فقال ورثته قد بعت أبانا حرا فأعطنا ثمنه أو زيادة ما يلزمك بأنك استهلكته أكان عليه أن يعطيهم شيئا أو يكون إنما اقر بشيء في ملك غيره فلا يجوز إقراره في ملك غيره ولا يضمن بإقراره شيئا الإقرار بغصب الشيء من أحد هذين الرجلين قال الشافعي رحمه الله وإذا أقر الرجل أنه غصب هذا العبد أو هذا الشيء بعينه من أحد هذين وكلاهما يدعيه ويزعم أن صاحبه الذي ينازعه فيه لم يملك منه شيئا قط وسئل يمين المقر بالغصب قيل له إن أقررت لأحدهما وحلفت للآخر فهو للذي أقررت له به ولا تباعه للآخر عليك وإن لم تقر لم تجبر على أكثر من أن تحلف بالله ما تدري من أيهما غصبته ثم يخرج من يديك فيوقف لهما ويجعلان خصما فيه فإن أقاما معا عليه بينة لم يكن لواحد منهما دون الآخر لأن إحدى البينتين تكذب الأخرى وكان بحاله قبل أن تقوم عليه بينة ويحلف كل واحد منهما لصاحبه أن هذا العبد له غصبه إياه فإن حلفا فهو موقوف أبدا حتى يصطلحا فيه فإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان للحالف وإن أقام أحدهما عليه بينة دون الآخر جعلته للذي أقام عليه البينة ولا تباعة على الغاصب في شيء مما وصفت ولو قال رجل غصبت هذا الرجل بعينه هذا العبد أو هذه الأمة فادعى الرجل أنه غصبه إياهما معا قيل للمقر أحلف أنك لم تغصبه أيهما شئت وسلم له الآخر فإن قال أحلف ما غصبته واحدا منهما لم يكن ذلك له وقيل أحدهما له بإقرارك فاحلف على أيهما شئت فإن أبى قيل للمدعى احلف على أيهما شئت فإن حلف فهو له وإن قال أحلف عليهما معا قيل للمدعى عليه إن حلفت وإلا أحلفنا المدعى فسلمناهما له معا فإن فاتا في يده أو أحدهما فالحكم كهو لو كانا حيين إلا أنا إذا ألزمناه أحدهما ضمناه قيمته بالفوت فإن أبيا معا يحلفا وسأل المغصوب أن يوقفا له وقفا حتى يقر الغاصب بأحدهما ويحلف قال وإن أقر الغاصب بأحدهما للمغصوب فادعى المغصوب أنه حدث بالعبد عنده عيب فالقول قول الغاصب مع يمينه إن كان ذلك مما يشبه أن يكون عند المغصوب
الأم_أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي
0 comments:
Post a Comment